بقلم-الدكتور طارق الخولى:
في زمان أضحت فيه المعلومة هي أهم شئ سواءاً تكلم المريض أو لم يتكلم هو أو أحد من أقربائه فلابد أن يقوم الطبيب المعالج أو الطبيب المقيم بعمل file أو sheet للمريض قبل دخوله الى المستشفى أو دخول العيادة وفي هذا فائدة كبيرة ولو من باب الحفاظ على حقوق ” المريض” فكل كلمة يقولها المريض هي هامة قد تفيد الآن وقد لا تفيد ولكن الأغلب أن كلامه سيكون مفيداً يوما ما؟
أما الأغرب ألا نستفيد من هذا التاريخ المرضي وأن يقضى الطبيب نصف ساعة يسمع من المريض أشياءاً يدوّنها بيديه ولكنه لا يستطيع أن يربط هذا بذاك فتضيع المعلومة الى يوم الدين.
ولابد أن يتكلم المريض وهذا حقه قبل أن تُجرى له الفحوصات الا اذا كان هناك ما يمنع من ذلك وقبل أن يدخل دوامة التحليلات والأسوء أن يتحول الكلام الى دردشة تشد الطبيب اليها فينسى كل شئ وينخرط في أحاديث جانبية مع المريض.
ونظام عمل ملف للمريض له مدارس كثيرة وعرفه العرب قديماً وذكروه كثيراً وذكروا التاريخ الطبي للمريض حيث يتتبع ما يُصرح به المريض بنوع من الأهمية فله أصول وترتيب في تدّرج الأسئلة المباشرة وغير المباشرة.
أمّا ما هو ليس معقول أن يُهمل الملف الطبي أثناء الكشف على المريض ويُسارع بالمريض الى خرينة المستشفى أولاً ويتم عمل سائر الفحوصات وكل الفحوصات دون سماع كلمة من المريض أو الانتباه الى كلامه أو طريقتها على الأقل.
والانتباه الى الكلام شئ والانتباه الى طريقة الكلام شيء آخر وهذه يفهمها الأطباء ومن طريقة الكلام نعرف من نُخاطب واذا كان المريض متمارضاً من عدمه أو اذا كان يتحاشى النظر الي الطبيب ولا ينظر اليه أثناء الكلام فذلك يُبين أشياءاً كثيرة.
وأضرب لك أمثلة وهي حقيقية من أرض الواقع:
1. مريضة بأحد المستشفيات تأتي الى قسم الاستقبال بألم في صدرها ودائماً عند بعض الأطباء انطباعاً أن البنات في سن الشباب يكن متمارضات “أو متخانقة مع أهلها أو خطيبها” ولكن في نسبة بسيطة يكون هناك مشكلة كبيرة فلابد للطبيب أن يترك ما يظن الى ما لابد من فعله في الاستماع للمريض بدقة وبطبيعة الحال تم تشخيص هذه المريضة خطأُ مع أن عندها مرض خطير.
2. مريضة تشتكي من التهاب روماتيزمي وارتشاح على القلب أدى الى تغييرات برسم القلب وهذا مثل شائع وكثيراً ما يتكرر فلا تجد من يسمع منها وهذا حدث في 2023 فتدخل مستشفى ويتم عمل لها قسطرة قلبية دون داع ثم يقال لها أنتي كويسة ومش محتاجة دعامة دون أن يتم حتى عمل موجات صوتية على القلب يبين الارتشاح الذي تشتكي منه.
ويقول العارفون بالبيانات انها أرقام وحسابات تكتب ما فات وتثبت ما هو آت وكفي بالمعلومة أن تكون “مهضومة”.
ويقول العارفون بالطب انها أساس العلاج ولا تنفع البيانات المرضية الا أن تكون صحيحة ومرتبة وتُحفظ في مكان آمن وهي سرية للمريض ولأهله وخاصة لكل مريض حتى لو أراد ألا يعرفها أحدٌ غيره.
د. طارق الخولي
استشاري القلب – معهد القلب
[email protected]
