الأخباراهم الأخبارمقالات

صحتك في أمان

قد يكون العلاج في البكاء

بقلم د -طارق الخولى:
أهم شئ عندنا في الطب أن يبكي الانسان فالمهم أن يبكي الرجل وتبكي المرأة ولا يكبت أحدهما هذه الصفة التي تَميّز بها عن سائر المخلوقات فرحمة من عند الله أن رزقنا البكاء الذي يعّبر ويبين نقاء الانسان فلماذا نبكي؟ وهل البكاء هو تعبير عن مشاعر الحزن أو الخوف؟ وهل البكاء هو أيضاً تعبيراً عن الفرح؟ والسؤال لماذا نبكي وعلى اى شئ نبكي؟
فهي المشاعر التى لا تعرف من أين تأتي وقد تغالبك مشاعرك حين تستقبل ابنك أو حفيدك فتحتضنه بين يديك فلا تستطيع أن تمسك نفسك عن البكاء ولا تعلم لماذا تبكي.

أما كيف نبكي ؟ فقد يبكى الانسان حين يُفاجئ بمرض أو حدث ما لا يعرف كيف يتعامل معه وما يحدث عندما يبكي الانسان فهو فيض من الأحاسيس يسيطر على كل جسدك وتهتز له كل الأعضاء فيك وقد لا تطاوعك أطرافك أيضاً أثناء البكاء.

والغريب ايضاً أن في الجسد نظامان يسيطران على كل شئ يختص بالاعصاب في جسم الانسان ال Sympathetic and parasympathetic system وهما ليس عكس بعض بل متكاملان يُكمل أحدهما الآخر فالأول وهو الجهاز السمباساوي وقت الحركة والنشاط و”الخناقات” وثانيهما وقت النوم والراحة وهو الجهاز الباراسمباساوى وهو المسئول عن المشاعر والبكاء وقد كنا نقول من قبل أن الحيوانات ليس عندهم هذا الجهاز لأنهم لا يبكون ولكن الآن تبين لنا أن عندهم مشاعر وأحاسيس وان ظلوا لا يبكون “حتى هذه اللحظة”.

فلماذا تميز الانسان بالبكاء عن سائر المخلوقات؟ وهل هو جزء من الاستخلاف في الأرض أن تكون له “مشاعر” يحافظ عليها وهي من أوائل الآيات التي ذكرت عن آدم في القرآن عندما ذكر كلمة “زوجه” أكثر من مرة مقترنة بآدم ولم يلقبها بأي لقب آخر وهو يعني تمام الزوجية من الطرفين واكتمال الود والالفة في حين لقب أخريات ب”أمراة العزيز” و”أمراة فرعون”.

وأشد من البكاء الحزن دون بكاء وهو شئ آخر من الصدمات والتي لا تنفرج ببكاء فلا يوجد في الطب مرض بعينه اسمه البكاء فقط بل أمراض الصدمة النفسية والاضطراب الذهني والعقلي والأزمات القلبية الذي يؤدي الى “حالة” أو Syndrome وهي مجموعة من الأمراض والأعراض يكون فيها بكاء فهو ليس مرضاً بل أحيانا يكون مطلوباً بعد صدمة أو خبر غير سار لكي تعلم أن المريض بخير أما عندما لم يبكي أو يزرف دمعاً فقد تتوقع أن تحدث له مضاعفات كثيرة.

ويقول العارفون بالله أن البكاء لم يكن سلاح سيدنا يعقوب عندما اجتمع عليه أولاده فأخذوا أصغرهم بحيلة مفضوحة “قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” واجتمع عليه الناس فتنمروا عليه واستهزوا به فقالوا ” قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ” انما وجد غايته في الصبر ولكن لم يستطع أن يمنع الحزن لأنه غالب عليه “وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ”.

وقد يبكي الانسان لما هو أعظم ولما هو أكبر أن يبكي الأنسان على نفسه وعلى عمره الذي أفرط فيه وعلى خطيئة اقترفها يوماً ما ولم يستطع أن يكفّرها أو زوجة صالحة ضيّعها من بين يديه وقد يبكى الانسان على ضياع الأديان أو ضياع الأوطان.

وقد يبكي على موت انسان كان مَثلاً له في وقت ندرت فيه القدوة وقل فيه الصالحون أما البكاء على ضياع الفضيلة أو انتشار الرذيلة فهو بكاء الأمم الآن على تضييع العلم والأمانة والتهاون فيها.

ويقول العارفون بالبكاء أن بكاء الرجل يختلف عن المرأة وان كانت المرأة الأسرع في بكائها فليس عيباً فهي في الأغلب تكون صادقة ولكنها لا تستطيع أن تدافع عن نفسها وعن كيانها الا بالبكاء.

د. طارق الخولي
استشاري القلب – معهد القلب
[email protected]

الرابط المختصر -صحتك 24:
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق