المستلزمات الطبية.. وأزمة الدولار وقوائم الانتظار
بقلم -اميرة ابو شقة:
لا يتوقف حديثنا عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر خلال الفترة الأخيرة، لتُفرز «ظروفًا استثنائية» غير مسبوقة، أدت إلى انهيار سعر الجنيه المصري أمام الدولار، وتزايد الاستيراد من الخارج، وعدم وجود العملة الصعبة.
■ تلك التداعيات كانت لها آثارها المباشرة على استيراد القمح والمواد الغذائية.. وغيرها، لكن التأثر يظل قاسيًا ومباشرًا على «استيراد المستلزمات الطبية»، التي باتت «تحت حصار المرض»، ما جعل «طلبيات الإنتاج» تواجه تحديات كبيرة لاستحضارها، بما يهدد حياة المرضى.
■ وفي ظل النقص الحاد في المستلزمات الطبية مثل الرئات الاصطناعية والصمامات القلبية والأجهزة التعويضية والمفاصل.. وغيرها، بسبب نقص الكميات المستوردة إثر شُحِّ الدولار، بدت شكاوى المرضى والتجار على حدٍّ سواء، لا تتوقف عن الأنين.
■ نقص حادٌّ في معظم الأدوية والمستلزمات الطبية، نتيجة أزمة سعر الصرف وصعوبة الاستيراد، وعدم وجود بدائل يمكن توفيرها عبر الصناعة المحلية، أسفر عن لجوء إدارات بعض المستشفيات إلى تقليل وتيرة الجراحات، لضمان استمرارها في تقديم الخدمة الطبية بمعدلات أقل، والحفاظ على إمكانية استقبال الطوارئ!
■ من خلال رصدنا ومتابعتنا لهذا الوضع المؤسف، لاحظنا تضاعف أسعار الخدمة الطبية، نتيجة التضخم، مما دفع كثيرًا من المرضى إلى عدم الإقبال على تلقي الرعاية الطبية، بل الاستغناء عن الذهاب إلى الطبيب أو المستشفى تقليلًا للنفقات، في مقابل أولوية توفير لقمة العَيْش.
■ كما أن الأزمة في القطاع الصحي الحكومي تتزايد مع ارتفاع كلفة الخدمات الطبية من دون أي زيادات في الموازنة، مع عدم القدرة على توفير الدولار لشراء المستلزمات الطبية المستوردة، التي لا يمكن الاستغناء عنها، ومن دونها تتوقف الجراحات أو الخدمات الطبية نهائيًا.
■ نتصور أن هذا الملف لا يحتاج إلى «مُسَكِّنات»، بقدر ما يتطلب «تدخلًا» عاجلًا، وألا نكتفي فقط بـ«تدبير العملة» بشكل مؤقت، للإفراج عن الشحنات الموجودة أو المتعطلة في الموانئ، بل يجب البحث عن «علاج ناجع» وحلول دائمة.
■ وبالنظر إلى حجم الواردات المصرية الذي يصل إلى 95 مليار دولار سنويًّا، منها مليار دولار للأدوية والمستلزمات طبية، يمكن اعتبار ثلثها فقط من الأجهزة والآلات ومستلزمات الجراحة والمستهلكات ذات الاستخدام الواحد، وهذا ما يدعو إلى عدم التباطؤ فيما يتعلق بأرواح الناس وصحتهم.
■ نتصور أنه يجب إعطاء الأولوية للواردات في القطاع الطبي، لأنه يتعلق بحياة الناس، خصوصًا أنها لا تمثل 1% من الواردات السنوية لمصر، كما أن الوضع الاقتصادي للمستوردين أصبح سيئًا للغاية، ويتعرضون للخسارة بسبب التزامهم بسعر محدد للتوريد، سواء أكان لهيئة الشراء الموحد أو جهات خاصة وفق التعاقدات المبرمة، فيما تحتسب غرامات يوميًا على الشحنات المتعطلة في الموانئ، وكذلك غرامات لمصلحة شركة الشحن بسبب تعطيل الحاويات.
■ كما نعتقد أنه في حال عدم حل الأزمة خلال الأشهر القليلة المقبلة، سيكون هناك خطر حقيقي يهدد حياة المواطنين، خصوصًا الأطفال، إضافة إلى قوائم الانتظار التي تتضاعف في الجراحات بسبب نقص المستلزمات، رغم النجاح الكبير الذي حققته مبادرة الدولة لإنهاء قوائم الانتظار وحققت نجاحًا باهرًا بشهادة الجميع.
■ لقد أوضحت المادة 18 من الدستور المصري أن «لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل».. وما يحدث في القطاع الطبي لا يعفي الدولة من القيام بمسؤولياتها تجاه مواطنيها، كما لا يعقل أن تقف شركات الأدوية والمستلزمات الطبية في الطابور انتظاراً لتوفير العملة الصعبة!
■ نحن على يقين بأن الدولة ممثلة في الحكومة بوزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها المعنية، أدركت خطورة الأزمة وبدأت التحرك بالفعل، لكننا نتحدث عن «الأولوية»، على غرار تلك الممنوحة للمواد الغذائية!
■ وبقدر ما نحرص على استخدام كافة أدواتنا البرلمانية، إلا أننا يجب أن نضع تصوراتنا للحلول أيضًا، ولذلك نرى ضرورة تبنِّي الحكومة لمبادرة قومية لإنشاء مصانع لمستلزمات الإنتاج في مصر، للاستيعاض بإنتاجها عن المستورد، خصوصًا في ظل توجه الدولة لتشجيع الصناعة المحلية.
#أميرة_أبوشقة
#حزب_الوفد
#مجلس_النواب