الأخباراهم الأخبارمقالات

الدكتور محمد قنديل يكتب .. قراءة تحليلية لمعدلات الولادة القيصرية فى مصر.. الأسباب واستراتيجيات العلاج

الولادة القيصرية هى الجراحة الأكثر شيوعا الأن في مصر، حيث احتلت مصر المركز الاول بين دول العالم فى اجراء الولادات القيصرية وبلغت نسبتها طبقا للإحصاء المعلن عام 2021 من قبل وزارة الصحة المصرية 72% من اجمالى الولادات وهو مايقترب من حوالى 10% من النسبة المسجلة عام 2018 و التى بلغت 63%.
كما تزيد بنحو 20 % على احصاء عام 2014 والذى بلغ نحو 51.8% الامر الذى يعنى زيادة مطردة غير مبررة فى معدلات الولادة القيصرية.
ووفقاً لتقرير التنمية البشرية الصادر عن وزارة المالية المصرية في نوفمبر 2016، فإن عدد حالات الولادة القيصرية أنذاك قد وصل إلى مليون و 344 ألف حالة سنويًا، بما في ذلك حوالى مليون حالة دون مبرر وقدر التقرير أن تكلفة هذة الولادات تبلغ حوالي مليار و 222 مليون جنيه سنوياً .

وترتبط هذه المعدلات المرتفعة على الأرجح بمجموعة من الأسباب وأحد أهم هذه الاسباب هو زيادة طلب الأمهات على الولادة القيصرية لاسيما في حالات الولادة لأول مرة حيث تخشى السيدات من طول ساعات الولادة والتى قد تكون مصحوبة ببعض الألم إذا لم تتوفر المسكنات المناسبة مع الأخذ فى الاعتبار ماتروج له بعض وسائل الإعلام وبالتحديد المسلسلات التليفزيونية والأفلام حيث يذيع بعضها مشاهد غير صحيحة عن الولادة الطبيعية وعواقبها. لابد هنا من القول أيضا أن طلب الأمهات للولادة القيصرية يلقى قبولا من بعض الأطباء فهو أكثر ملاءمة لطبيب التوليد لأنه يسمح له / لها بترتيب الحياة دون مكالمات ليلية أو إزعاج جدول الإجازات وبالإضافة إلى ذلك فإن العائد من الولادة القيصرية فى أغلب الأحيان أعلى من الولادة الطبيعية.
ولذلك فإن قلة من الأطباء قد يحجمون للأسف الشديد عن تقديم المشورة بشكل صحيح لمريضاتهم حول مزايا الولادة الطبيعية مقابل القيصرية.
الأمر الثانى هو الخوف من الدعاوى القضائية التى قد يقوم البعض برفعها ضد أطباء التوليد مستغلين عدم وجود تعريف قانونى واضح يفرق بين المضاعفات الطبية “Medical Complication” والأخطاء المهنية الناتج عن سوء ممارسة المهنة “’Medical Malpractice” فأدى ذلك إلى ممارسة الكثير منهم لما يعرف باسم الطب الدفاعى “Defensive Medicine” وهو فى تعريفه الأبسط أنه الممارسة الطبية التى تحمى الطبيب من المساءلة القانونية ولكنه لا يقدم أفضل الحلول الطبية والعلاجية للمريض والمثال الواضح فى هذة الحالة هو ما اتفق على القبول به فى مصر دونا عن باقى دول العالم من أن أى سيدة ولدت قيصرية وحيدة سابقة لابد لها من القيصرية فى كل ولادة تالية وهو قول غير صحيح تدحضه جميع المراجع والأدلة الطبية ولكنه يمارس يوميا خوفا من حدوث مضاعفات وارد حدوثها – وليست سوء ممارسة طبية تستحق المساءلة القانونية – تؤدى بالطبيب إلى عقوبات جنائية لا مبرر لها كونها لا تحدث نتيجة خطأ طبى.
فى تقديرى يجب البدء فورا فى وضع استراتيجيات لحل هذة المشكلة حيث أن ارتفاع معدلات الولادة القيصرية على النحو السالف ذكره لا يؤثر على المريضة وأسرتها فقط ولكن يمتد تأثيره إلى استنزاف الموارد الصحية للمجتمع وإلى زيادة التكلفة لتوفير بيئة أمنة للمارسة الطبية السليمة

وأقترح الاستراتيجيات الآتية للتعامل مع الوضع الحالى بشكل عاجل:

1- يجب أن تتوقف وسائل الإعلام عن نشر معلومات غير صحيحة عن الولادة الطبيعية من خلال الأفلام والمسلسلات التليفزيونية.
2- منع البرامج الطبية مدفوعة الأجر على جميع القنوات الإعلامية حيث أن ضيوف هذه البرامج لديهم تضارب في المصالح وأرائهم قد تكون منحازة.
3- التعاون مع المنظمات غير الحكومية والمجموعات النسائية لزيادة الوعى حول فوائد الولادة الطبيعية وأضرار الولادة القيصرية.
4- التدريب السليم للأطباء على الولادة المهبلية عن طريق جفت الولادة والشفاط.
5- العمل على توفيرالأدوية المسكنة لتخفيف الآلام أثناء الولادة الطبيعية.
6- تعديل أجور الأطباء من خلال المساواة فى أتعاب الولادة القيصرية والولادة الطبيعية وزيادة أسعارالولادة الطبيعية التى تجرى للمريضة التى أجرت قيصرية وحيدة VBAC حيث أن ذلك سيؤدى على الأرجح إلى توجيه أطباء التوليد لتقديم المشورة المناسبة.
7- وضع تعريفات قانونية واضحة للمضاعفات الطبية وتعريفات لسوء الممارسة الطبية وتحديد مسؤوليات جميع العاملين في التخصص على وجة الدقة.
8- يمنح الاعتماد وتجديد التراخيص الطبية فقط للمستشفيات التي لا تتجاوز معايير منظمة الصحة العالمية فى معدلات القيصرية (من 10 الى 15%) على ان يكون ذلك بشكل تدريجى حيث يستحيل خفض النسبة من 72% الى 15% يشكل مفاجىء.
9- إنشاء قاعدة بيانات متكاملة لتقييم أداء الأطباء فيما يتعلق بمعدلات الولادة القيصرية ومساءلة من تتجاوز نسبة الولادة القيصرية لديهم نسبه محددة فى حال ماذا كان ارتفاع النسبة مبالغ فيه و غير مبرر.
10- التدقيق السريري والمراقبة الصارمة للمؤشرات في عسر الولادة وأسباب الولادة القيصرية.

دكتور /محمد قنديل
أستاذ أمراض النساء والتوليد- كلية طب المنوفية

 

 

الرابط المختصر -صحتك 24:
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق